2013/05/02

كباب كارل ماركس .. عن "الشيعة" والدولة العلوية

 لكل حقبة سياسية مفرداتها التي تختزل الجو الفكري والسياسي لتلك الحقبة.. المفردات بهذا المعنى هي ذاكرة سياسية.. شعار"دكتاتورية البروليتاريا" مثلا يجعلك تستحضر ذهنيا الايام التي كان فيها الشيوعيون العراقيون يفتحون مِظلاتهم كلما امطرت السماء في موسكو!! شعار "وحدة حرية اشتراكية" يجعلك تستحضر المسيرات الاجبارية لاطفال المدارس!! 

قلّي ما هي مفرداتك السياسية اقل لك من انت.. دقيقتان تكفي لتشخيص شيعوي ..ثلاثة دقائق لتشخيص بعثي.. خمس دقائق لتشخيص شيوعي عراقي..الشيوعي العراقي يحتاج وقت اطول لانه متحذلق.. حذلقة المدعو عبد الحسين شعبان الذي يقول لك "عيني عينك" وبلا حياء: "ان ماركس حين كتب مقولة "الدين أفيون الشعوب" فإنه كان يقصد العلاقات الملموسة بين الدولة البروسية والكنيسة البروتستانتية في ألمانيا في القرنين السابع عشر والثامن عشر وان ماركس لم يكن يتحدث على نحو تعميمي يصلح لكل العصور والتشكيلات الاجتماعية"!!

 الى الامام "رفيق"!! الاعمال الكاملة لـ كارل ماركس هدية مني لمن يفسر لي عبارة "العلاقات الملموسة" في جملة الرفيق "عبد الحسين"!! اذا كنت تملك بضعة ساعات فراغ و"بال صافي".. اذهب واقرأ "مساهمة في نقد فلسفة الحق عند هيغل" حيث يستخدم كارل ماركس هذه المقولة.. ستعرف عندها ان الامانة الفكرية هي اخر هموم الرفيق "عبد الحسين".. وستفهم ثانيا حقيقة معروفة في الادبيات السياسية وهي ان الماركسيين هُم اول من خان افكار كارل ماركس.. وستفهم اخيرا قصة من قصص التاريخ العراقي المعاصر .. قصة "الاسود" الذي صبغ وجهه بالاحمر.. قصة مسار الافكار الحمراء التي ولجت رؤوس مظلمة.. وكما يقول المؤرخ الفرنسي هيبوليت تين "عندما تلج فكرة سياسية مثل تلك الرؤوس فانها تنحط بدل ان ترتقي بهم".

وعودة الى المفردات.. في الاسبوع الماضي نشرت جريدة الحياة مقابلة مع الكاتب السوري صادق جلال العظم.. في هذه المقابلة استخدم جلال العظم تعبير "المكوّن السنّي الذي يشكل غالبية المجتمع السوري".. اليسار المقرب من حزب الله وعلى لسان اسعد ابو خليل اعتبر استعمال جلال العظم لمفردات "المكون السني" او "الاغلبية" نزعة طائفيّة مستجدة !! كما لو ان هذه المفردات من اختراع جلال العظم.

كنت وما زلت اعتقد بان "يسار حزب الله" متأخر خمس سنوات عن فهم ما يحدث في منطقتنا.. واكثر من عشر سنوات على ما يحدث في العراق.. فمنذ عشر سنوات ومفردات "المكون الشيعي" و"المكون السني" تستخدم من قبل الاحزاب الشيعوية في العراق.. عشرون عاما وعبارة "الاغلبية الشيعية" متداولة في قاموس الاحزاب الشيعوية.. ولكن"يسار حزب الله" لم يسمع بهذه المفردات الا اليوم .."يسار حزب الله" كما ابواق المالكي يريدون ان يقنعنونا بأن الطائفية ولدت قبل سنتين فقط في سوريا!! قبل ذلك كان العدم! 

لحظة من فضلك.. صحيح .. المفردات الطائفية السائدة اليوم ولدت في سوريا.. كيف نسينا بهذه السرعة.. ففي البدء كانت سوريا.. حين كان حسن العلوي في ضيافة حافظ الاسد.. انذاك كان حسن العلوي ينتقد سيطرة "الاقلية السنية" في العراق على "الاغلبية الشيعية".. ولكن العلوي الذي كان يعيش في دمشق لم يرى سيطرة "الاقلية العلوية" في سوريا على "الاغلبية السنية".. كان يكفيه رفع اسم العراق ووضع مفردة سوريا لكي يحصل على سخافاته تحت عنوان "السنة والدولة العلوية"!! هذه هي قصة المفردات التي  تقتلنا اليوم.. فالمفردات ذاكرة سياسية.. ما زرعه الاب حافظ يحصده الابن بشار.. ومن يزرع الريح يحصد العاصفة!!  

تاريخنا المعاصر هو كومة تناقضات فكرية: حزب البعث (فرع القيادة العلوية) يأوي ويمول مروجي المفردات الطائفية.. صحفيون سفلة من امثال حسن العلوي يكتبون التاريخ.. ماركسيون لم يفهموا بعد كارل ماركس.. يساريون يساندون حزب يؤمن بولاية الفقيه.. شاعر "شيوعي" كـ مظفر النواب ما زال يتساءل "هل ندم يزيد على قتل الحسين"!! وسعدي يوسف ببلاهة الشعراء لم يفهم بعد لماذا "الكرديُّ التركيُّ استبدلَ بالبيرقِ الاحمر، دكّانَ كَبابٍ" !!

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف03 مايو, 2013

    مقال واقعي باخراج رائع يبعث على الاشمئزاز فعلاً من تربع هذه الحثالة على أكوام الزبالة الحالية سواء بسوريا أو العراق أو لبنان ولا اعتقد البتة ان هؤلاء سعداء مع ضمائرهم ان كانت لهم ضمائر بل ان هاجس الخوف و الرعب يلاحقهم أينما وجدوا خصوصاً عندما شاهدوا المسلسلات المرعبة في العراق و لبنان و سوريا حالياً.
    عندما الواحد يفكر بالانتهازين الحاليين أمثال عبد الحسين شعبان و الاركوز حسن علوي و غيرهم من الطفيليات (Parasites) و الذين لم يذكرهم الاستاذ الكاتب القدير فهم بالتاكيد سيجعلوا المرحوم ميكافيلي يحك رأسه و يتحير..لكي يقرر بأي بالوعة مجاري أو مرحاض سيصنفهم و يحذفهم فيها.
    الله يساعد ألف مرة المواطنيين العراقيين العرب و غيرهم الذين يجثمون تحت الطغمة الإيرانية الأصل و المنشئ الضالمة و المتجبرة
    (طبعاً ما عدا الإيرانيين و تبعيتهم و الذين مهما طال الزمن سيرحلوا رغماً عن انفهم في المرة القادمة نهائياً)
    تحية تقدير و احترام للكاتب القدير صاحب المدونة على ما يقدمه من مواضيع و تحاليل يستعمل فيها جميع أدوات المنطق التي تعري و تفند اضاليل و انتهازية أفكار هؤلاء الأشرار.

    ردحذف